جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الصوم
صفحات بعد
صفحات قبل
( الصفحة 262 )

بين شروق الشمس وغروبها ، وبين سير القمر بوجه ; لأنّ الأرض بمقتضى كرويّتها يكون النصف منها مواجهاً للشمس دائماً ، ويعبّر عنه بقوس النهار ، والنصف الآخر غير مواجه كذلك ، ويعبّر عنه بقوس الليل ، وهذان القوسان في حركة وانتقال دائماً حسب حركة الأرض على ما هو المقطوع به في هذه الأعصار .

ويتشكّل من هاتيك الحركة الشروق والغروب ، ونصف النهار ونصف الليل ، وبين الطلوعين ، وما بين هذه الاُمور من الأوقات المتفاوتة ، وهذه الحالات المختلفة منتشرة في أقطار الأرض ، ففي كلّ آن يتحقّق شروق في نقطة من الأرض ، وغروب في نقطة اُخرى مقابلة لها ، فهي نسبة قائمة بين الأرض والشمس .

وهذا بخلاف الهلال ; فإنّه إنّما يتولّد ويتكوّن من كيفيّة نسبة القمر إلى الشمس ، من دون مدخل لوجود الكرة الأرضيّة في ذلك بوجه ، والسرّ أنّ القمر في نفسه جرم مظلم ، وإنّما يكتسب النور من الشمس نتيجة المواجهة معها ، فالنصف منه مستنير دائماً ، والنصف الآخر مظلم كذلك ، غير أنّ النصف المستنير لا يستبين لنا على الدوام ، بل يختلف زيادة ونقصاً حسب اختلاف سير القمر ; فإنّه لدى طلوعه عن الاُفق من نقطة المشرق في الليلة الرابعة عشرة من كلّ شهر ـ بل الخامسة عشرة فيما لو كان الشهر تامّاً ـ يكون تمام النصف منه المتّجه نحو الغرب مستنيراً حينئذ ; لمواجهته الكاملة مع النير الأعظم ، كما أنّ النصف الآخر المتّجه نحو الشرق مظلم .

ثمّ إنّ هذا النور يأخذ في قوس النزول في الليالي المقبلة ، وتقلّ سعته شيئاً فشيئاً حسب اختلاف سير القمر إلى أن ينتهي في أواخر الشهر إلى نقطة المغرب، بحيث يكون نصفه المنير مواجهاً للشمس ، ويكون المواجه لنا هو تمام النصف الآخر المظلم ، وهذا هو الذي يعبَّر عنه بتحت الشعاع والمحاق ، فلا يرى منه أيّ جزء ; لأنّ

( الصفحة 263 )

الطرف المستنير غير مواجه لنا لا كلاًّ كما في الليلة الرابعة عشرة ، ولا بعضاً كما في الليالي السابقة عليها أو اللاحقة .

ثمّ بعدئذ يخرج شيئاً فشيئاً عن تحت الشعاع ، ويظهر مقدار منه من ناحية الشرق ويُرى بصورة هلال ضعيف ، وهذا هو معنى تكوّن الهلال وتولّده ، فمتى كان جزء منه قابلاً للرؤية ولو بنحو الموجبة الجزئيّة فقد انتهى به الشهر القديم ، وكان مبدءاً لشهر قمريّ جديد ، إذن فتكوّن الهلال عبارة عن خروجه عن تحت الشعاع بمقدار يكون قابلاً للرؤية ولو في الجملة ، وهذا كما ترى أمر واقعي وحداني لايختلف فيه بلد عن بلد .

وعلى هذا فيكون حدوثها بداية لشهر قمريّ لجميع بقاع الأرض على اختلاف مشارقها ومغاربها وإن لم ير الهلال في بعض مناطقها . نعم ، هذا إنّما يتّجه بالإضافة إلى الأقطار المشاركة لمحلّ الرؤية في الليل ولو في جزء يسير منه ; بأن تكون ليلة واحدة ليلة لهما وإن كانت أوّل ليلة لأحدهما وآخر ليلة للآخر .

ثمّ أيّد ما أفاده ببعض الآيات وبعض الروايات(1) (2).

وهذا الذي أفاده وأصرّ عليه وإن كان يقرّبه بعض الاُمور الاُخر ، مثل عنوان ليلة القدر الظاهر في كونها ليلة واحدة للجميع ، لا أنّ لكلّ صقع من الأصقاع المتغايرة في الآفاق ليلة خاصّة لاختلاف رؤية الهلال فيها ، وكذلك عنوان العيدين الذي يكون ظاهر الدعاء الوارد في قنوته كونه عيداً لجميع المسلمين في جميع أقطار العالم ، خصوصاً مع ذكر المسلمين بصورة الجمع المحلّى باللاّم المفيد للعموم ، إلاّ أنّه

  • (1) فمن الآيات سورة الرحمن 55 : 17 ، وسورة الزخرف 43 : 38 ، ومن الروايات ما نقله في وسائل الشيعة 10 : 254 ح9 وص 265 ح13، و ص 278 ح 3، وص292 ح1 .
    (2) المستند في شرح العروة 22 : 116 ـ 122 .

( الصفحة 264 )

مع ذلك يترجّح في النظر الرأي المشهور ; لأنّ الملاك في أوّل الشهر رؤية الهلال لا  تولّد الهلال ، وهي متوقّفة على مقدار نوره . وبعبارة اُخرى : قد وقع الخلط في كلامه (قدس سره) بين نور الهلال وولادته ، والمعتبر في الرؤية هو نوره.

ودعوى عدم مدخليّة الكرة الأرضيّة في وضع القمر ـ كما قد صرّح به من أنّه لو  لم  تكن هذه الكرة موجودة في الفضاء لكان القمر واجداً لتلك الحالات ـ لعلّه ممّا لايمكن الالتزام به ، خصوصاً مع ملاحظة ما في تعريف الخسوف من أنّه عبارة عن حيلولة الأرض بينه وبين الشمس ، ثمّ إنّه على هذا المبنى لا وجه للتخصيص بالإضافة إلى الأقطار المشاركة لمحلّ الرؤية في الليل ولو في جزء يسير منه ; لأنّه بعدما كان الهلال أمراً واحداً واقعاً غير قابل للتعدّد لا يبقى مجال للتبعيض .

واستلزام عدمه المطلق لثبوت الرؤية في جزء من النهار في بعض الأقطار ـ لما عرفت من أنّه أمر وحداني ، ومن المعلوم أنّه لا مجال لصوم يومها ـ دليل على وجود التبعيض واختلاف الأصقاع في ذلك ، مع أنّ إيكال الأمر إلى الرؤية المتحقّقة في أقصى نقاط العالم مع عدم وجود مسلم فيه بل شيعيّ أصلاً ، وعدم انكشاف الحال إلاّ بعد أيّام ممّا لا يمكن احتماله بنظر الشرع ، والبعض المذكور لم يلتزم به طول عمره حتى بالنسبة إلى الحجاز مع كونه مقيماً في العراق .

ودعوى عدم مبالاتهم في أمر الرؤية لأنّ الأمر بيد غيرهم ، يدفعها حجّ الأئـمّة (عليهم السلام) طول قرنين مطابقاً لنظرهم وموافقاً لرأيهم(1) ، مع أنّ اعتناءهم بمثل هذه الاُمور لعلّه أزيد من الشيعة وإن كانت أعمالهم غير مقبولة ، ونحن لا ننكر أنّ الإحاطة بحقائق هذه الاُمور موكولة إلى علم الهيئة ، خصوصاً في هذه الأزمنة

  • (1) تقدّم توضيح ذلك في ص139.

( الصفحة 265 )

والأعصار ، فراجع .

هذا ، ولكنّ التحقيق العميق بملاحظة الروايات الواردة في المسألة ، خصوصاً بعضها الخالي من جهة الإشكال في السند والمتن ، يقتضي الذهاب إلى عدم اعتبار اتّحاد الاُفق ، أو تقارب البلدين اللّذين رأي القمر في أحدهما دون الآخر من جهة الاُفق ، وتوضيحه يحتاج إلى ذكر اُمور:

الأوّل: أ نّ وحدة الاُفق بعنوانه لا تكون مذكورة في شيء من الكتب الفقهيّة القديمة بل المتوسّطة ، ولا في شيء من الروايات الواردة في هذا الباب . نعم ، صرّح بعض كالمحقّق في الشرائع بالتفصيل بين المتقاربين والمتباعدين (1)، كما أ نّه وقع التصريح من بعض خصوصاً في بعض كتبه بعدم الفرق بينهما (2). وقد وقع الخلاف في معنى التباعد والتقارب بوجوه متعدّدة لايعتمد شيء منها على ركن وثيق ، حتّى أ نّه حكي عن صاحب الجواهر (قدس سره) أ نّ الربع المسكون من الأرض كلّ مناطقها متقاربة(3) .

الثاني : أ نّ البلادالإسلاميّة في أزمنة صدور الروايات من الأئـمّة (عليهم السلام) المتعدّدين كان البعد بينها بمرحلة كان اُفقها مختلفاً ، فلاحظ المدينة المنوّرة مع الكوفة ، أو مع الشام ، أو مع مصر الّذي كتب مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) عهداً إلى مالك الأشتر(4)الذي كان يريد ولايته في مصر ، ولكنّه صار مسموماً قبل الوصول إليه من ناحية عمّال معاوية بتوطئته وأمره ، وكان التباعد بين البلاد الإسلاميّة بمرحلة حكي عن

  • (1) شرائع الإسلام 1 : 200 .
    (2) منتهى المطلب 9 : 252 ـ 253 ، الحدائق الناضرة 13 : 264 ـ 267 .
    (3) جواهر الكلام 16 : 361 .
    (4) نهج البلاغة : 426 ـ 445 كتاب 53، تحقيق الدكتور صبحي الصالح .

( الصفحة 266 )

هرون الملعون خطاباً إلى السحاب : أمطري في أيّ بلد تريدين (1); لأ نّه من البلاد التي يكون تحت سيطرة الإسلام ومعدودة من البلاد الإسلاميّة.

الثالث: أ نّ هذه المسألة لو كان فيها تفصيل كان على الأئـمّة (عليهم السلام) بيانه وإرشاد المسلمين إليه ; لأ نّ عموم الابتلاء بها في جميع الأزمان والأعصار لا ريب فيه ولا  إشكال يعتريه ، مع أ نّه ـ كما عرفت ـ لايكون في شيء من الروايات الواردة في الصوم إشعار بهذا المعنى، فضلاً عن الدلالة.

الرابع : ثبوت الإطلاق في بعض الروايات الصحيحة ، مثل رواية هشام بن الحكم ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أ نّه قال فيمن صام تسعة وعشرين قال : إن كانت له بيّنة عادلة على أهل مصر أ نّهم صاموا ثلاثين على رؤية قضى يوماً(2) .

فإنّ ترك الاستفصال في الجواب دليل على أ نّه لا فرق بين البلاد القريبة والبعيدة أصلاً ، ويدلّ على هذا المعنى روايات متعدّدة . وما حكي عن المشهور(3) ـ من اعتبار اتّحاد الاُفق أو تقارب البلدين ; مستنداً إلى أ نّه لا فرق بين الرؤية، وبين عناوين زوال الشمس وغروبها وطلوع الفجر المختلفة بحسب البلاد ـ يمكن الجواب عنه بأ نّ الرؤية يلاحظ فيها عنوان الشمس والقمر . وأمّا العناوين المذكورة فالملحوظ فيها الشمس والأرض ، فلا مجال لمقايسة أحدهما بالآخر ، وما ذكرناه جواباً عن بعض الأعلام (قدس سره) فإنّما هو مجرّد استبعاد لا دليل ، فيترجّح في النظر بعد مراجعة المسألة ثانياً بأدلّتها، أ نّه لا وجه لدعوى اعتبار وحدة الاُفق أو مثله.

  • (1) لم نعثر عليه عاجلاً .
    (2) تهذيب الأحكام 4 : 158 ح 443 ، وعنه وسائل الشيعة 10 : 265 ، كتاب الصوم ، أبواب أحكام شهر رمضان ب 5 ح 13 .
    (3) الحدائق الناضرة 13 : 263 ، المستند في شرح العروة الوثقى 22 : 115 .